من المعلوم أن صيام شهر رمضان المبارك يربي المسلم على الصبر والتواضع والاحساس بالفقراء. وأن أجره عظيم عند الله. كما أنه من المعلوم أن للصيام فوائد صحية عديدة. لكن هل سبق وسألت نفسك ما الذي يحدث في جسم الصائم أثناء يومه ، وكيف يتفاعل مع الانقطاع التام عن الأكل والشرب من الفجر وحتى غروب الشمس ؟

1- تنظيف الجسم من الداخل

الصيام لا يطهر الروح والنفس فحسب ، بل يطهر الجسم كذلك. حيث يصنف صيام شهر رمضان المبارك طبيا ضمن الصيام الجاف الذي يعد أسرع وسيلة لبرمجة الجسم على الدخول في حالة ” الالتهام الذاتي ” (autophagy) وهي عملية تقوم فيها خلايا الجسم بالتهام الخلايا الضعيفة والمعطوبة والمكونات المختلة لبناء الطاقة.

تساهم عملية الالتهام الذاتي في تقليل فرص الإصابة بالسرطان ، السكري ، أمراض الكبد والأمراض المناعية وغيرها.¹

2- تقليل أعراض الحساسية

عن طريق تخفيف حدة الالتهابات التي تسببها. حيث يقوم الصيام بزيادة معدلات D-beta-hydroxybutyrate وهي عبارة عن كيتونات تساهم في استقرار الخلايا المناعية التي تحارب الالتهابات وبالتالي تقليل حدة ردود الفعل التحسسية مثل الحكة والكحة والعطاس والاحتقان وغيره.²

3- خسارة الوزن وتقليل نسبة الدهون

في دراسة تحليلية لقواعد البيانات الصحية المتعلقة بمجموعة بلغ عددها 2947 شخصا ، قارن القائمون على الدراسة بمقارنة أوزان الأشخاص ونسب الدهون قبل رمضان وبعد انتهائه ، ولوحظ أن نسبة الكتلة الدهنية انخفضت بمتوسط معدل يتراوح بين 0.92 كجم و 1.50 كجم وكان الانخفاض ملحوظ أكثر في الأشخاص الذين يعانون من السمنة.

من الجدير بالذكر هذا التأثير مشروط بنوعية وكمية الغذاء التي يتم تناولها في الليل. حيث أن التأثير يصبح عكسيا لدى الأشخاص الذين يعوضون عن ساعات الصيام الطويلة بالنهم المفرط في الأكل.³

4- تحسين الصحة النفسية

على الرغم من مشاعر التوتر التي قد تعتري الصائم جراء الجوع والعطش ، إلا أن الصيام يساهم على المدى الطويل في تحسين الحالة المزاجية وزيادة الإحساس بالسكينة والتخفيف من حدة الاكتئاب والقلق.

وتكمن الآلية في كون الصيام ينظم عمل الغدد الصماء العصبية النفسية Psychoneuroendocrine ⁴

5- تنظيم عمليات التمثيل الغذائي

إن تأثير الصيام على الجهاز الهضمي أشبه ما يكون بضغط زر لإعادة ضبط الاعدادات. حيث أن الانقطاع عن الأكل والشرب يتيح الفرصة لإراحة الجهاز الهضمي وتنظيم معدلات الانزيمات المسؤولة عن الأيض.

6- يؤثر إيجابيا على كيفية عمل الهرمونات من بينها هرمون النمو

إن هرمون النمو هو الهرمون المسؤول عن نمو وتجديد الخلايا ، وهو ضروري للعديد من العمليات الحيوية في الجسم ومنها التمثيل الغذائي وتحفيز الإحساس بالجوع والشبع.

تقل نسبة هرمون النمو مع التقدم في السن ، مؤديا إلى ظهور عدد من الاعراض الغير مرغوبة مثل تجاعيد البشرة وانخفاض الكتلة العضلية للجسم وضعف العظام والمفاصل وتساقط الشعر.

يعمل الصيام على زيادة فاعلية هرمون النمو في الجسم بشكل طبيعي⁴ وبعيدا عن المكملات الضارة

7- السيطرة على ارتفاع ضغط الدم

في دراسة قام بها فريق من الباحثين في عدد من مساجد لندن ، قاموا بقياس معدلات ضغط الدم لـ 85 شخص قبل بداية رمضان وبعد نهايته. حيث وثقوا انخفاضا في مستويات ضغط الدم الانقباضي بمتوسط 3.42 مليمتر زئبقي ، و 7.29 مليمتر زئبقي في مستويات ضغط الدم الانبساطي. كما أن هذه النتائج لوحظت على جميع المشتركين في الدراسة سواء الأصحاء منهم أو المصابين بارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري.⁵

لكي نحقق الفائدة الصحية الكاملة من صيام شهر رمضان المبارك ، علينا أن نعي بأن ما نأكله أثناء الليل يؤثر على فاعلية الصيام إما إيجابا أو سلبا. حيث أن مداهمة المعدة بكميات كبيرة من الطعام وقت الإفطار قد يسبب تلبكا وإرهاقا للجهاز الهضمي. كما أن الإكثار من الوجبات غير الصحية كالمقالي والحلويات والأطعمة المليئة بالزيوت المهدرجة يقلل فاعلية الصيام لصحة الجسم وقد يلغيها تماما.

وفي المقابل ، فإن الحرص على تناول الطعام الصحي المشتمل على الخضار والعصائر الطبيعية والتمور والمكسرات والفواكه المجففة. والاستعاضة عن الأطعمة المقلية بالأطعمة المشوية والمسلوقة يضاعف فوائد الصيام ويحقق منافعه على أكمل وجه