هناك نوعين رئيسيين للصيام ، وهما الصيام الجاف والصيام السائل أو ما يعرف بصيام الماء.
الصيام الجاف هو الامتناع عن كافة الأطعمة والمشروبات لفترة زمنية محددة. بخلاف صيام الماء المتمثل في الامتناع عن كافة الأطعمة والمشروبات ما عدا الماء. يعتبر صيام رمضان أفضل مثال على الصيام الجاف.
منذ قديم الزمان، تفطن الحكماء لفوائد الصيام الصحية. حيث كان أبو الطب ” أبقراط ” ينصح بعض مرضاه بالامتناع عن الطعام والشراب لفترات مؤقتة حتى تتحسن حالتهم.1
وفي مملكة الحيوان ، تصوم القطط والكلاب والفيلة والغزلان وغيرها من الحيوانات عندما تصاب بالجروح أو الكسور. بينما تصوم الأحصنة والبقر وبعض أنواع المواشي عندما تكون مريضة. لأنها تعلم بشكل فطري أن الأكل والشرب في حالتهم تلك سوف يضاعف العبء على أجسادهم في حين أنها تحتاج لتوجيه كامل طاقتها لتقوية الجهاز المناعي والتئام الجروح والكسور. وحتى بعض الحيوانات البحرية وحيوانات المناطق الجليدية تقوم بالصيام عند اقتراب موسم التكاثر من أجل تقوية خصوبتها وتحسين جودة الحيوانات المنوية.2
يعتبر الصيام الجاف الطريقة الأسرع والأمثل لإدخال الجسم في حالة الالتهام الذاتي (صدقني إنه أمر جيد!) وهي الحالة المسؤولة عن تحقيق معظم فوائد الصيام. من بين تلك الفوائد:
- تأخير الشيخوخة
- ترميم انسجة الجسم
- تقليل معدلات الأكسدة
- الحد من نمو الأورام الخبيثة
- طرد السموم والجراثيم من الجسم
- تقوية الجهاز المناعي
- تخفيف الالتهابات الداخلية والخارجية
- تقليل نسبة الدهون
- التخلص من وزن الماء الزائد في الجسم
الصيام الجاف هو الأسرع مفعولا ، حيث يقال أنه أقوى من صيام الماء بما لا يقل عن ثلاث مرات ، وذلك لأن الجسم يحتاج للوصول لمرحلة معينة من الجفاف لكي يتم تحفير الالتهام الذاتي وحرق الدهون بكفاءة عالية. وهو الأمر الذي يؤدي لإراحة الجهاز الهضمي والكلى ، وتهيئة الجسم لترميم ذاته بصورة أعمق من تلك التي تحدث أثناء النوم العميق.
يتم تفعيل آلية الالتهام الذاتي داخل الجسم عندما تنخفض مستويات الانسولين ومستويات ( امتور ) mTORالذي يعد بروتينا هاما في تنسيق مختلف العمليات الحيوية. وهو الأمر الذي يحدث بعد عدة ساعات من الصيام الجاف ، حينها تبدأ خلايا الجسم بعمل إعادة تدوير للبروتينات المعطوبة والخلايا الضعيفة ، إضافة إلى المكونات الضعيفة داخل الخلايا الجيدة. حيث تقوم بالتهامها لإنتاج الطاقة. ولولا الصيام لبقيت تلك المكونات عبئا على الجسم ، مسببة الإرهاق وضعف الصحة العامة.
الاتهام الذاتي عملية حيوية ضرورية للجسم. ويعتبر ضعف الالتهام الذاتي من أبرز مؤشرات الشيخوخة.3 حيث تضعف قدرة الجسم على إعادة تدوير الخلايا والمكونات المعطوبة مع التقدم في السن بسبب تراكم الأكسدة. مؤديا إلى تراجع أداء الوظائف الخلوية ، وبالتالي ظهور مختلف علامات التقدم في السن مثل زيادة الوزن ، تساقط الشعر ، ضعف العظام ، ظهور التجاعيد وغيرها.
جميعنا سمعنا مقولة ” خير الأمور أوسطها ” وهي حكمة تنطبق على معظم شؤون حياتنا. ولكنها تنطبق بالذات على الالتهام الذاتي. فكما أن لضعف الالتهام الذاتي أعراضا سلبية مثل تراكم المكونات الضارة في الجسم ، كذلك الافراط في الالتهام الذاتي يؤدي إلى دخول الجسم لمرحلة تسمى بوضعية المجاعة ” Starvation Mode ” تتمثل في التهام الخلايا الجيدة ، ثم التهام العضلات والأنسجة الحيوية كردة فعل بيولوجية على قلة أو انعدام الغذاء.
نصائح عامة لتطبيق الصيام الجاف:
- حدد وقتا مناسبا لبدء الصيام بحيث يلائم نظامك اليومي
- قبل البدء بالصيام، من الأفضل تناول وجبة مشبعة ومليئة بالعناصر الغذائية والألياف مثل البروتين والخضار وشرب كمية كافية من الماء
- ينصح عدم القيام بأنشطة بدنية تتطلب مجهودا عاليا مثل الركض أو حمل الأشياء الثقيلة
- يجب عدم الصيام لمدة تزيد عن أربعة وعشرين ساعة متواصلة كحد أقصى
- احرص على الابتعاد عن الأماكن شديدة البرودة أو شديدة الحرارة. يفضل أن يكون المكان ذو درجة حرارة معتدلة.
- احرص على التهوية الجيدة للمكان
- عند انهاء الصيام ، تناول أطعمة خفيفة على المعدة مثل الحساء أو الخضروات المسلوقة.
- في حين لاحظت أي أعراض سلبية مثل الدوخة أو الإحساس بالضعف الشديد يجب عليك انهاء الصيام فورا
وأخيرا فإنه وعلى الرغم من منافع الصيام الجاف العديدة ، إلا أن هناك حالات صحية وجب استثناؤها لأن الصيام بكافة أنواعه قد يشكل خطرا عليهم. مثل بعض مرضى السكر والمصابين بالجفاف وفقر الدم الحاد وأمراض الكلى وغيرهم. يجب عليك استشارة الطبيب قبل الصيام تجنبا لأي أعراض جانبية غير مرغوبة.
المصادر
1- Britannica, The Editors of Encyclopaedia. “fasting”. Encyclopedia Britannica, 19 Mar. 2024, https://www.britannica.com/topic/fasting
2- https://uad.ac.id/id/why-do-animals-fast
3- Barbosa MC, Grosso RA, Fader CM. Hallmarks of Aging: An Autophagic Perspective. Front Endocrinol (Lausanne). 2019 Jan 9;9:790. doi: 10.3389/fendo.2018.00790. PMID: 30687233; PMCID: PMC6333684.