في حال كنت من محبي الدراما الكورية ، فهناك احتمال كبير بأنك قد رأيت الكيمتشي في مسلسلاتهم. وهو عبارة عن وجبة تقليدية كورية تتكون من مجموعة من الخضروات المخمرة . ونظرا لطعمه الشهي ، يتم تناوله كطبق جانبي في جميع موائد الطعام الكورية
يصب الكيمتشي في صميم الثقافة الكورية وهو جزء لا يتجزأ من تراثهم. إنه مصدر فخر واعتزاز بالنسبة للكوريين. حيث أنهم اعتادوا عمل الكيمتشي منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف سنة كوسيلة لحفظ الخضروات من التعفن. وذلك عن طريق تخميرها ووضعها في جرات كبيرة. وبذلك يتسنى لهم الاستمتاع بتناولها على مدار السنة.
اليوم توجد دراسات علمية تؤكد بأن للكيمتشي فوائد كثيرة إلى جانب طعمه اللذيذ. هنا اقتنباس من أحد هذه الدراسات:
” تتضمن الوظائف الصحية للكيمتشي ، استنادا إلى بحثنا وأبحاث العلماء الآخرين ، مكافحة السرطان والسمنة والامساك ، تعزيز صحة القولون والمستقيم ، زيادة البكتيريا المعوية النافعة ( البروبيوتك ) خفض الكوليسترول وهضم الألياف. كما أنه مضاد للأكسدة وأعراض الشيخوخة. أيضا يقوم بتعزيز صحة الدماغ وتقوية المناعة وتعزيز صحة البشرة “1
ماهي مشكلتي الأزلية؟
حسنا هي ليست أزلية ولكنني كنت اعاني منها لفترة طويلة لا تقل عن 15 سنة. مشكلتي مزعجة ومحرجة في آن واحد. ألا وهي أصوات البطن! أتذكر بدايتها لأول مرة عندما كنت في الجامعة ولا أعلم لحد الآن ما للذي تسبب في بدايتها. كانت تخرج أصوات عالية من بطني عندما كنت في قاعة الدراسة ، لدرجة كانت تجعل الطلاب الآخرون يتلفتون حولهم ليعرفوا مصدر الصوت. مما سبب لي إحراجا شديدا وإحساسا بالرغبة العارمة في الاختفاء عن الأنظار. وددت لو أن لدي زر سحري يمكنني ضغطه لكي أمسح ذاكرة الناس من حولي أو لكي أجعل بطني يتوقف تماما عن إصدار هذه الأصوات المتكررة. فلا أحد يريد أن يكون انطباعه لدى الناس كشخص ذو معدة مزعجة! 🙁
مرت السنوات ولم تتوقف المشكلة. بل ازدادت سوءا حتى أصبحت أكره الجلوس في الأماكن الهادئة ، ورافقتني في العمل وغرف الاجتماعات والانتظار وفي السيارة وأينما حللت وارتحلت. ومما زاد استغرابي هو أنني لا أعلم شخصا آخر يعاني نفس الأمر. حتى أحسست بالعزلة وأنه ليس هناك من يفهم معاناتي. كذلك لاحظت بأن الأصوات تصدر بشكل شبه مستمر سواء كنت جائعة أم لا. بل لاحظت أنها تزداد سوءا بعد الوجبات مباشرة. وذلك بخلاف المعتقد الشائع بأن هذه الأصوات لا تصدر إلا من معدة جائعة.
حاولت تغيير نمط أكلي من دون جدوى. نعم كان هناك تحسنا بسيطا عندما حاولت تخفيف الخبز والبقوليات والنشويات ولكن ليس ثمة تغيير حقيقي.
صدفتي السعيدة مع الكيمتشي
نظرا لإعجابي الشديد بالثقافة الآسيوية والطعام الآسيوي ، قررت شراء عبوة من الكيمتشي عندما وجدتها أثناء زيارتي لأحد مراكز التموينات الكورية واليابانية. أحببت مذاقه جدا وأصبحت أتناوله مع كل وجبة.
بعد مرور بضعة أيام لاحظت أن أصوات البطن اختفت تماما! عرفت للفور بأن الكيمتشي قد يكون السبب خاصة وأنه كان التغيير الوحيد في نظامي الغذائي.
نفذت عبوات الكيمتشي التي كانت موجودة لدي ولم أتمكن من شراءه نظرا لانشغالي. وبعد بضعة أسابيع عادت أصوات البطن مرة أخرى.
قررت شراء الكيمتشي وتناوله يوميا. ثم اختفت أصوات البطن مرة ثانية! من بعدها أصبح جزءا أساسيا في نظامي الغذائي ولن أتخلى عنه نهائيا.
بدأت البحث في الموضوع بشكل متوسع ، واكتشفت بأن الكيمتشي هو أحد أهم مصادر الأطعمة المصنفة كـ ” بروبيوتيك ” أو ما يعرف بالأطعمة ذات الخمائر النافعة أو البكتيريا النافعة. وهي موجودة في الزبادي واللبن الطبيعي ، والخضروات المخمرة مثل الكيمتشي ، وخبز الساوردو والأجبان العضوية. هذه البكتيريا تعمل على تحسين أداء الجهاز الهضمي من خلال تغيير البيئة البكتيرية في الأمعاء للقضاء على البكتيريا الضارة وزيادة معدلات البكتيريا النافعة.
تكاد فوائد البكتيريا النافعة لا تعد ولا تحصى. ولكن بالنسبة لي فإنها كانت السبب في إنهاء معاناتي المؤلمة التي استمرت لـ 15 سنة.
اكتشفت كذلك بأن أصوات البطن لا تصدر من البطن وإنما تصدر من الأمعاء. وأنها حالة طبية تعرف بـ ” القرقرة ” “Borborygmus “2 حيث تصدر هذه الأصوات عند مرور السوائل والغازات بداخلها. وأنني كنت أعاني من ارتفاع معدل البكتيريا الضارة والتي تجلت آثارها في معاناتي تلك. بالطبع تختلف آثار البكتيريا الضارة بحسب نوعها وبحسب التكوين الحيوي للبيئة البكتيرية المعوية لكل شخص. ولكن لا يوجد اختلاف في كون الأطعمة البروبويتيك كفيلة بالتخلص من تلك الآثار السلبية مهما كانت.
ملاحظة: عندما تبدأ في تناول الأطعمة ذات الخمائر النافعة ( البروبيوتيك ) من الطبيعي أن تشعر بأعراض مثل الانتفاخ والغازات خلال الأيام الأولى. لا تقلق ، فهذه الأعراض تحدث كنتيجة لتكاثر البكتيريا النافعة والتخلص من البكتيريا الضارة وتختفي خلال اسبوعين.
إرشادات عند شراء واستخدام الكيمتشي:
- يمكنك شراء الكيمتشي من مراكز التموينات الآسيوية المتوفرة في منطقتك أو عبر المتاجر الالكترونية. كما ويمكنك إعداده في المنزل. هناك العديد من مقاطع اليوتيوب التي تعلمك كيفية إعداد الكيمتشي.
- حاول تجنب شراء عبوات الكيمتشي المستوردة من الخارج لأن معظمها تحتوي على مواد حافظة مثل حمض الستريك مما يتسبب في تعطيل البكتيريا النافعة. واشتر الكيمتشي المحلي الذي يتكون من مواد طبيعية بدون مواد صناعية مضافة (في حال كنت متواجدا في أحد المدن الرئيسية في المملكة العربية السعودية فيمكنك أن تجده في أي من مراكز التموينات الآسيوية بكل سهولة. هنا صور للمنتج الذي أنصح به – ليس إعلان – )
- إذا لم يتوفر الكيمتشي في منطقتك ولم تتوفر مكوناته فلا بأس. يمكنك تخمير الخضروات في المنزل بطريقة بسيطة جدا وهي وضع الخضروات في علبة زجاجية ثم إضافة محلول ملحي يتكون من الماء والملح البحري بمعدل ملعقة شاي من الملح لكل 250 مل من الماء. أبق الزجاجة شبه مغلقة وضعها في درجة حرارة الغرفة لمدة 12 ساعة ثم ضعها في الثلاجة واتركها تتخمر لمدة أسبوع على الأقل. يمكنك الاطلاع على الفيديو التوضيحي أدناه
- من أفضل الخضروات التي يمكن تخميرها هي الملفوف ، الجزر ، القرنبيط ، البصل ، الثوم ، الفلفل الرومي (الفلفل البارد) ، الفلفل الحار ، الخيار والفجل.
- يتم عادة تناول الخضروات المخمرة كطبق جانبي ولا يعد طبقا رئيسيا. لذلك اجعله صديقك في الوجبات.